البريد الإلكتروني: drsregeb11@gmail.com

قضايا عقائدية

لوازم اعتقاد شيخ الصوفية ابن عربي بعقيدة وحدة الوجود



لوازم اعتقاد شيخ الصوفية ابن عربي بعقيدة وحدة الوجود

    يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في بيان هذا المعتقد الصوفي: لقد كان ابن عربي وابن سبعين ونحوهم من ملاحدة الصُّوفِيَّة يعكسون دين الإسلام، فيجعلون أفضلَ الخلق من قال بوحدة الوجود، ولا يضرُّه بعد ذلك أنْ يكونَ يهودياً، أو نصرانياً، أو مجوسياً، أو وثنياً. بل كان ابن سبعين وابن هود([1]) والعفيف التلمساني يجوِّزون للرجلِ أنَّ يتمسَّكَ باليهودية والنصرانية كما يتمسَّكُ بالإسلام، فجميع الأديان في نظرهم طرقٌ موصلةٌ إلى الله بمنزلة المذاهب الإسلامية، وكانوا يقولون لِمَنْ يختصُّ بهم من النصارى واليهود: إذا عَرَفْتُم التحقيق (أي وحدة الوجود) لم يضركم بقاؤكُم على ملتكم. ([2]) وقال: "إن ابن عربي وأمثاله وإن ادعوا أنهم من الصوفية، فهم من صوفية الملاحدة الفلاسفة، ليسوا من صوفية أهل العلم، فضلا عن أن يكونوا من مشايخ أهل الكتاب والسنة"([3])

          وقال ابن القيم في بيان وحدة الأديان عند الصُّوفِيَّة: "وَمِنْ فُرُوعِ هَذَا التَّوْحِيدِ: أَنَّ فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ مُؤْمِنُونَ كَامِلُو الْإِيمَانِ، عَارِفُونَ بِاللَّهِ عَلَى الْحَقِيقَةِ، وَمِنْ فُرُوعِهِ: أَنَّ عُبَّادَ الْأَصْنَامِ عَلَى الْحَقِّ وَالصَّوَابِ، وَأَنَّهُمْ إِنَّمَا عَبَدُوا عَيْنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ لَا غَيْرَهُ...".([4])

     وقال: "وَمَذْهَبُ الْقَوْمِ أَنَّ عُبَّادَ الْأَوْثَانِ وَعُبَّادَ الصُّلْبَانِ وَعُبَّادَ النِّيرَانِ وَعُبَّادَ الْكَوَاكِبِ كُلَّهُمْ مُوَحِّدُونَ، فَإِنَّهُ مَا عُبِدَ غَيْرُ اللَّهِ فِي كُلِّ مَعْبُودٍ عِنْدَهُمْ، وَمَنْ خَرَّ لِلْأَحْجَارِ فِي الْبِيدِ وَمَنْ عَبَدَ النَّارَ وَالصَّلِيبَ فَهُوَ مُوَحِّدٌ عَابِدٌ لِلَّهِ، وَالشِّرْكُ عِنْدَهُمْ إِثْبَاتُ وُجُودٍ قَدِيمٍ وَحَادِثٍ وَخَالِقٍ وَمَخْلُوقٍ وَرَبٍّ وَعَبْدٍ، وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُ عَارِفِيهِمْ([5])، وَقَدْ قِيلَ لَهُ: الْقُرْآنُ كُلُّهُ يُبْطِلُ قَوْلَكُمْ، فَقَالَ: الْقُرْآنُ كُلُّهُ شِرْكٌ، وَالتَّوْحِيدُ هُوَ مَا نَقُولُهُ".([6])

      ونذكر هنا أهمَّ لوازم عقيدة "وحدة الوجود" عند زنديق شيخ الصوفية ابن عربي:

1- عقيدة وحدة الأديان عند الصوفية:- 

  لمَّا آمن ابن عربي أنَّ الوجود واحدٌ، وأنَّ الله تعالى هو عينُ خلقه، لزمَه أنْ يؤمنَ بأنَّ جميعَ الملل والنحل واحدةٌ لأنَّها صدرت ممَّن له الوجود الواحد، وأنَّ الله تعالى هو عينُ جميع المعبودات، وهي مظاهرُ وتجلیاتٌ له، فلا فرقَ إذاً بين هذا المعبود أو ذاك. فما دامت كلُّها هي الله فقد انتفى التغايرَ والاختلافَ بينها، فالتوحيدُ إذاً هو عينُ الشرك، والإيمان هو عينُ الكفر، فلا فرقَ إذاً بين دينٍ أنزله الله تعالى في كتبه وبعثَ به رسلَه، ودینٍ ابتدعه الإنسانُ من تلقاءِ نفسِه بهواه وحسبِ شهواته، ونسجتُه أوهامُه وشطحاتُه، ما دامَ الله هو الوجودُ المطلقُ.([7])

      قال ابن عربي في ذلك: "فإيَّاكَ أنْ تَتَقيَّدَ بعقدٍ مُخصوصٍ، وتَكْفُرَ بمَا سواه، فيفوتُك خيرٌ كثيرٌ، فكُنْ في نفسك هُيولِي لصورِ المُعتقدَاتِ كلِّها".([8])

 

    وهذا فكل الأديان عند ابن عربي شيخ الصوفية حق. يقول ابن عربي في كتابه فصوص الحكم: "والعارف المكمل من رأي كل معبود مجلي الحق يعبد فيه. ولذلك سموه كلهم إلها مع اسمه الخاص بحجر أو شجر أو حيوان او إنسان أو كوكب أو ملك".([9])

     إنَّ الأديانَ والمعتقداتِ عند ابن عربي كلُّها حقٌ وصوابٌ، وكلُّ متبعٍ لدینٍ أو معتقدٍ مصيبٌ ومأجورٌ، فالشركُ في نظره يتحقَّقُ في عبادة الجمادات والحيوانات والأصنام والتماثيل والنار والملائكة والصليب، لأنَّ المشركَ لا يعبدُ في الحقيقة إلاَّ الله، وما عبدَ عابد إلاَّ الله، والأحدية تسري في هذه الأشياء، وهي السرُّ المعبود فيها، لا شخصها المنصوب هو المعبود.([10]) والشقاوة التي تكون للمشرك إنَّما كانت له بإرادة الله تعالى ومشيئته لا باختيار المشرك نفسه، وكذا بالنسبة لسعادة المؤمن، فلم تكن الشقاوة للأول بسبب عبادته غير الله، ولم تكن السعادة للثاني بسبب عبادته الله وحده، لأنَّ الأديان جميعاً واحدةٌ، فالجميعُ يعبدُ إلهاً واحداً، فالمشركُ يعبدُ سَرَّ الألوهية الساري في الأصنام والأوثان، كحال المصلي فإنَّ وجهَه متجهٌ للكعبة، لكنَّ قلبَه متجهٌ نحو ربهِّ خاصة.([11])

    لقد ذهب ابن عربي إلى تصحيح اعتقاد جميع كفار الأرض، فجعلهم مؤمنين موحدِّين عارفين واصلين، وعمدَ إلى المسلمين فجعلَهم مؤمنين بجزءٍ من الحقِّ فقط، كافرين بأجزاءَ أُخرَى، ولم ينسَ ابن عربي فِرْعونَ اللعينَ الذي لم تَعرِف الأرضُ قبلَه أكفرَ منه ولا أظلمَ، فجعلَه من المؤمنين الموحدِّين الفائزين بالجنَّةِ، حيثُ يقولُ: "ولمَّا كان فرعونُ في منصب التَّحكم صاحبِ الوقت، وأنَّه الخليفةُ بِالسَّيفِ، وإنْ جارَ في العُرفِ النَّاموسي، لذلك قال: (أنَا رَبُّكُم الأَعلَى). أيْ وإنْ كانَ الكلُّ أربابًا بنسبةٍ مَا، فأنَا ربُّكُمُ الأعلى منهم، بمَا أعطيتهُ في الظَّاهرِ من التَّحكُمِ فيكم، ولمَّا علمتِ السحرةُ صدقَه في مقالِه لم ينكروه، بلْ أقرُّوا له بذلك، فقالوا: (إنَّمَا تَقْضِي هذهِ الحياة الدنيا) طه:72، (فاقضِ مَا أَنْتَ قاضٍ) طه:72. فالدولة لك، فصح قوله: (أنا ربكم الأعلى).([12])

   ويقول أيضاً شيخ الصوفية ابن عربي في الفصوص. 

عقد الخلائق في الإله عقائد      وأنا اعتقدت جميع ما عقدوه([13])

ويقول أيضاً في ترجمان الأشواق: 

لقد كنت قبل اليوم أنكر صاحبي    إذا لم يكن ديني إلي دينه داني

لقد صار قلبي قابل كل صورة    فمرعي لغزلان، ودير لرهبان

وبيت لأوثان وكعبة طائف    وألواح توراة ومصحف قرآن

أدين بدين الحب أنى توجهت     ركائبه فالدين ديني وإيماني([14])

    وقد نصحَ ابن عربي أتباعَه من المتصوفة أنْ يؤمنوا بدینٍ واحدٍ مخصوصٍ، ويكفروا بغيره من الأديان، وأنَّ من فعل ذلك فقد فاته خيرٌ كثيرٌ، وطلب من الصوفي أن تكون في نفسه مادةً لصور المعتقدات كلِّها، لأنَّ الله أوسعُ وأعظمُ من أنْ يحصر عقدٌ دون عقدٍ، قال تعالى: (فأينما تولُّوا فثمَّ وجه الله) سورة البقرة:110، فما ذكر أين من أين، وذكر أنَّ ثمَّ وجه الله، ووجه الشيء حقيقته.([15])

      وقد أكد ابن عربي على أن من يعبد الله ومن يعبد الأحجار والأصنام كلهم سواء، في الحقيقة ما عبدوا إلاَّ الله إذ ليس ثمة فرق بين خالق ومخلوق. يقول في ذلك:

2- القول بالجبرية ونفي الثواب والعقاب:

    وممَّا يؤكد على قول ابن عربي بالجبر الذي هو من نتائج مذهبه الفاسد، هو قوله:-

                الحكمُ حكمُ الجبرِ والاضطرار   مَا ثمَّ حكمٌ يقتضي الاختيارَ

إلاَّ الذي يعزى إلينا ففي         ظاهرِه بأنَّه عن خيارٍ

لو فَكَّرَ النَّاظرُ فيه رأَى     بأنَّه المختارُ عن اضطرارٍ([16])

فالحقُّ خلقٌ بهذا الوجه فاعتبروا      وليس خلقاً بذلك الوجه فاذكروا

جمعٌ وفرقٌ فإنَّ العينَ واحدةٌ     وهي الكثيرةٌ لا تُبقِي ولا تَذَرُ([17])

      وبناء على هذا التصور فليسَ ثَمَّةَ خلقٍ، ولا موجودٍ من عدمٍ، بل مجرد فيضٍ وتجليٍ، وما دامَ الأمرُ كذلك فلاَ مجالَ للحديثِ عنْ علَّةٍ أو غايةٍ، وإنَّمَا يسيرُ العالمُ وِفْقَ ضرورةٍ مُطلقةٍ، ويخضعُ لحتمِيَّةٍ وجبريةٍ صَارمةٍ. وهذا العالمُ لا يتكلمُ فيه عن خيرٍ وشرٍ، ولا عن قضاءٍ وقدرٍ ولاَ عن حريَّةٍ أو إرادةٍ، ثمَّ لا حسابَ ولا مسؤوليَّةَ ولا ثوابَ ولا عقابَ، بل الجميعُ في نعيمٍ مُقيمِ، والفرقُ بينَ الجَنَّةِ والنَّار إنُّما هو في المرتبة فقط لا في النون. وقد ذهب ابن عربي إلى تحريف آيات القرآن الكريم لتوافق مذهبَه ومعتقدَه، فالعذابُ عندَه من العذوبَةِ، والرِّيحُ التي دمَّرَت قومَ عادٍ هي الرَّاحةُ، لأنّها أَراحَتْهُم من أجسامهم المُظلمةِ، وفي هذِه الرِّيحُ عذابٌ، وهو من العذوبَة.

3- قول ابن عربي بإيمان فرعون:

     قد حكم ابن عربي بإيمان فرعون مستدلاً بقوله تعالى: "قرة عين لي ولك"، فكان قرة عين لفرعون بالإيمان الذي أعطاه الله عند الغرق.([18]) فقبضه طاهراً مطهراً، ليس فيه شيء من الخبث". ([19])

وكلامه هذا في الحقيقة هو إبطالٌ للدِّينِ من أصلِه، لأنَّ وعيدَ الله للكفار لا يقعُ منه شَيءٌ.

     ويشهد ابن عربي لفرعون بالإيمان وأن فرعون قبض على أفضل عمل وهو الإيمان حيث حصلت له الشهادة غرقاً.([20])

     ويقول عن فرعون: "فنجاه الله من عذاب الآخرة في نفسه، ونجى بدنه، فقد عمته النجاة حساً ومعنى".([21])

    يقول ابن عربي: "لمَّا علم فرعون صدق موسی، وأضمر الإيمان في نفسه الذي أظهره عند غرقه،([22]) فـبعثه الله على ما مات عليه من الإيمان به علماً وقولاً".([23]) ونجى فرعون ببدنه دون قومه عند ظهور إيمانه؛ آية. فمن رحمة الله بعباده أن قال: (فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ) يونس:92، يعني: دون قومك : (لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً) يونس: 92 أي: علامة لمن آمن بالله أن ينجيه الله ببدنه .. وخصَّ فرعون بأن تكون نجاته آية لمن رجع إلى الله بالنجاة".([24])

      والعبرة ببقاء جسد فرعون بعد غرقه ليكون عبرة لمن بقي من قومه، ولبني إسرائيل وغيرهم ممن سمع بادعاء فرعون الربوبية والألوهية؛ فهذا الجسد الهالك الذي لا حول له ولا قوة هو لمن كان يقول أنا ربكم الأعلى؛ فهو لا يملك لنفسه الآن ولا يوم الساعة ضراً ولا نفعاً.([25])

    ولا يكتفي ابن عربي بالجزم بإيمان فرعون، بلْ يُصَّحِّحُ ألوهيتَه فيقولُ: "ولمَّا كانَ فرعونُ في منصبِ التَّحكم صاحب الوقت وأنه الخليفة بالسِّيفِ، وإنْ جارَ في العرفِ الناموسي لذلك قال: (أَنَا رَبُّكُمُ الأعلى) النازعات:24، أي: وإن كان الكل أرباباً، بنسبة ما فأنَا الأعلى منهم، بمَا أعطيتُه في الظَّاهر من التَّحكُّم فيكم، ولمَا عَلمَتْ السحرةُ صدقَه في مقالَه لم ينكروه وأقرُّوا له بذلك، فقالوا له: إنَّما تَقضي هذه الحياةَ الدُنيا، فاقضِ مَا أنتَ قاضٍ، فالدَّولةُ لكَ، فَصحَّ قَولُهُ: (وأَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى) النَّازعات:24.([26])

     وقال ابن عربي: (مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي) القصص:38، فما أحسن هذا التحري لتعلم أن فرعون كان عنده علم بالله . فأخبر بما هو عليه الأمر وصدق في إخباره بذلك".([27])

    وقال أيضاً: "لمَّا عَلِمَ فرعونُ أنَّ الحقَّ سمِعَ خلقَه وبصره ولسانه وجميع قواه لذلك قال بلسان الحق: (أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى).([28])

   ولا شكَّ في أنَّ فرعونَ الذي يزكيَه ابنُ عربي بهواه ويُصَحِّحُ دعوَاه في الألوهية قد علا واستكبرَ وكذَّب موسى وزعمَ أنْ لا إلهَ غيره: (مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهِ غَيْرِى) مع علمِه بأنَّ الإلَه الذي لا ربَّ سواه هو الله سبحانه وتعالى: (وَجَحَدُواْ بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوا) النمل:14، فاستحقَّ بكفرِه وضَلاَلِه سُوءَ العقابِ: (وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ) غافر:45.

     قال شيخُ الإسلام ابنُ تيمية: "ورأيتُه بخطِّه، وهو يعتقدُ بوحدَةِ الأديان، وأنَّ جميعَ أهلِ الدِّيانات مصيبونَ، وكلُّ مصيبٍ مأجورٌ، نَاهيكَ عنِ التَّقيُّدِ بدينٍ مخصوصٍ، معتقدًا بإيمان فرعونَ ونجاته، قياسًا على إيمانِ بلقيس، وبأنَّ الله أرسلَ موسى ليكونَ قُرَّةَ عينٍ لفرعونَ وقرَّةَ عينٍ بالإيمان الذي أعطاه إيَّاهُ عندَ الغرقِ، فأمَنَ بالذي أمنتْ بِهِ بنوا إسرائيل، فنجَّاه اللهُ ببدنِه من العذابِ، وكذلك في الآخرةِ. وَرُوِيَ عن أحدِ كبارِ مشايخ وفقهاء مصر الأفاضل الشيخ تاج الدين الأنباري أنَّه سَمِعَ الشيخَ إبراهيم الجعبري يقول: "رأيتُ ابنَ عربي شيخًا مخضوبَ اللِّحيَّة، وهوَ شَيخٌ نجسٌ، يكفرُ بكلِّ كتابٍ أنزلَه اللهُ وكلِّ نبيِّ أرسَلَه اللهُ".([29])

4- قول ابن عربي بإيمان قوم نوح:

     لقد جعل ابن عربي قوم نوح الذين عبدوا الأصنام لم يعبدوا إلا الله تعالى، وإنهم بذلك موحدون حقاً، فلذلك كافأهم الله الذي هم نفسه وذاته بأن أغرقهم في بحار العلم في الله. أي جازاهم الله تعالى بأنْ أغرقهم في بحار الوحدة، وأدخلهم نار الحبِّ الإلهي ليتنعموا فيها.

    قال ابن عربي: "(ممَّا خطيئاتهم) فهي التي خطت بهم فغرقوا في بحار العلم بالله، (فأدخلوا ناراً) في عين الماء (وإذا البحار سجرت)، (فلم يجدوا من دون الله أنصاراً) فكان الله عين أنصارهم فهلكوا فيه إلى الأبد".([30])

   يبيِنُ ابنُ عربي أنَّ قومَ نوحٍ لمْ يتبعوا دعوةَ نوحٍ ظاهراً، لأنَّها تدعو إلى الفرقانِ وتجعل الوجودِ مُتَعدداً؛ ولكنَّهم في الحقيقةِ آمنوا بهَا باطناً، لأنَّها تدعو إلى القرآنِ الذي يدعو بزعمِ ابنِ عربي إلى وَحْدَةِ الوجود؛ وإلى أنَّ كلَّ مَا يُعبَدُ من دونِ الله مَجالٍ للحقِّ - تعالى الله عن ذلك- لذلك كان قومُ نوحٍ بزعمِ ابن عربي على صوابٍ، إذ لم يؤمنوا بمَا دعاهُم إليه نَبِيُّهُم ظَاهراً؛ ولكنَّهم آمنوا بالفعلِ إذ جعلوا أصابعَهُم حَاجزاً لعدمِ سماعِ التَّفرقةِ في الوجودِ بينَ العابدِ والمعبودِ.

يقول ابن عربي: "علمَ العلماءُ باللهِ ما أَشارَ إليه نوحٌ في حقِّ قومِه من الثَّناءِ عليهم بلسانِ الذَّمِّ، وعلم أنَهم إنَّما لم يجيبوا دعوتَه لِمَا فيها من الفُرقان. والأمرُ قرآنٌ لا فرقانٌ، ومن أقيمَ في القرآن لا يَصغَي إلى الفرقانِ وإن كان فيه".([31]) فدَعاهَم ليغفرَ لهُمْ لاَ ليكشِفَ لَهم، وفهموا ذلك منْهُ صلَّى  الله عليه وسلَّم، لذلك (جَعَلُوا أَصَابَعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ) نوح:،7 وهذه كلُّها صورةِ السِّترِ التي دعاهَم إليها، فأجابوا دعوتَه بالفعلِ لاَ بِلبيَّكَ".([32])

     ثمَّ بيَّن ابنُ عربي أنَّ دعوةَ نُوحٍ إلى الله تعالى هي نوعٌ منَ المكرِ؛ ليختبرَ قومَه في إيمانِهم؛ لكنَّهم كانوا على قَدَرِ هذا الامتحانِ؛ فقابلوه بمكرٍ آخرَ، وهو عدمُ حصرِ الآلهة في صورةٍ واحدةٍ، بل الإيمانُ بالله تعالى في صورهِ ومجاليَهِ المتعدِّدةِ؛ لأنَّ المَدعو مهمَا كانَ اعتقادهُ، ومهمَا كانَ معبودُه، لا يَعبُدُ في الحقيقة إلاَّ الله تعالى الذي يظهرُ في صورةِ كلِّ معبودٍ.

قال ابن عربي: (وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا) نوح:22؛ لأن الدعوة إلى الله تعالى مكر بالمدعو (أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ) يوسف:108، فهذا عين المكر، فأجابوه مكراً كما دعاهم، فقالوا في مكرهم : (وَقَالُوا لَا نَذَرُنَّ وَالِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا) نوح:23، فإنهم إذا تركوهم جهلوا من الحق على قدر ما تركوا من هؤلاء، فإن للحق في كل معبود وجهاً يعرفه من يعرفه ويجهله من يجهله .. فما عبد غير الله في كل معبود".([33]) ويبين ابن عربي أن الضلال الذي كان عليه قوم نوح هو الحيرة في الربوبية وهي عين التوحيد؛ والموحد لله حقاً هو من وصل هذا المقام: "أعرف الخلق بالله أشدهم تحيراً فيه".([34]) وكما قال الجنيد: "إذا تناهت عقول العقلاء في التوحيد تناهت إلى الحيرة".([35]) ومن لم يتحير فلن يشم روائح التوحيد، على حد قول الشبلي: "ما شم روائح التوحيد من تصور عنده التوحيد. ([36]) فلما وصل قوم نوح إلى هذه الدرجة عرفوا أن الكل هو الله وبالله ومن الله والله.

   قال ابن عربي في تفسير قوله تعالى: (مِمَّا خَطِيئَهِمْ) فهي التي خطت بهم فغرقوا في بحار العلم بالله، وهو الحيرة (فَأُدْخِلُوا نَارًا) في عين الماء في المحمدين. (فَلَمْ يَجِدُوا لَهُم مِّن دُونِ اللَّهِ أَنصَارًا) نوح:25، فكان الله عين أنصارهم فهلكوا فيه إلى الأبد.. وإن كان الكل لله وبالله، بل هو

 الله".([37])

     وما سبقَ كلُّه من كلامِ ابن عربي قولٌ بلا دليلٍ، وحكمٌ من غيرِ بيِّنَةٍ، ومتى كان الكفرُ إيماناً، والشركُ تقىً، والتَّردُّدُ والحيرةُ هدًى ونجاةً، لا يقولُ هذا عاقلٌ أبداً. والحيرةُ تقعُ لِمَنْ حُرِمَ التَّوفيق من ربِّ العباد فيقعُ في الضَّلال، إلاَّ لمن تداركه الله برحمته، بل إن الحيرة هي نقص وذم في حقِّ من وقعت منه كما قال تعالى: (قُلْ أَنَدْعُوا مِن دُونِ اللهِ مَا لَا يَنفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتُهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَبُ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى انْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ) الأنعام:71.

    كما أن دعوى ابن عربي أن الدعوة إلى الله نوع من الاحتيال والمكر والخداع، فيه تنقُص في حق الله تعالى، وعبث الله منزه عنه، فالله تعالى لم يخلق البشر عبئاً من باب المكر والخداع (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَكُمْ عَبَثًا) المؤمنون:115؛ بل خلقهم لغاية عظيمة هي عبادته والإيمان به، قال تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) الذاريات:56.

     كما أنَّ في کلام ابن عربي تنقُصاً واحتقاراً لدور الأنبياء والرسل عليهم السلام في إبلاغ الناس رسالة التوحيد ودعوتهم لعبادة الله الواحد الأحد، ولو كان الأمرُ كلَّه مكراً وخداعاً وتمويهاً كما يزعم ابن عربي لما كان هناك حاجةً للرسلِ أصلاً، وما وَصلَ الأمرُ لِتَعرُّضِ الرُّسلِ عليهم السلام للقتلِ والتَّعذيبِ والتَّكذيب في سبيل أمرٍ كلُّه خداعٌ ومكرٌ.

5- قول ابن عربي أنَّ الجنة والنار كليهما للنَّعيم:

    زعمَ ابنُ عربي أنَّ أهلَ النَّارِ مُنعَّمون تماماً كأهل الجنَّةِ، فقال ابن عربي:

وإن دخلـوا دارَ الشَّقــاءِ      فإنَّهم على لذَّةٍ فيها نعيمٌ مباينٌ

نعيم جنان الخلد، فالأمرُ واحدٌ     وبينهما عند التَّجَـلِي تبـاينٌ

يُسَمَّى عذاباً من عُذوبَةِ طَعمِه      وذاكِ له كالقشرِ والقشرُ صاينُ([38])

6- الجماع نَفسَه دليل هذه الوحدة:

      الله عزَّوجلَّ – تعالى عما يقول- عند ابن عربي وتلامذته هو الطيب والخبيث – تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً-  فيقول ابن عربي: "والعالم على صورة الحق، والإنسان على الصورتين".([39]) وقال: "ولمَّا أحبَّ الرجلُ المرأةَ طلبَ الوصلةَ، أي غاية الوصلة التي تكون في المَحبَّةِ، فلم يكن في صورة النشأةِ العنصريَّة أعظمُ وصلةٍ من النِّكاحِ، ولهذا تَعمُّ الشَّهوةُ أجزاءُه كلَّها، ولذلك أُمِرَ بالاغتسال منه، فعمَّت الطهارةُ كما عمَّ الفناء فيها عند حصولِ الشَّهوةِ. فإنَّ الحقَّ غيورٌ على عبدِه أنْ يعتقدَ أنَّه يلتذُّ بغيرِه، فطهَرَّه بالغُسلِ ليرجع بالنظر إليه فيمن فَنِيِ فيه، إذ لا يكون إلاَّ ذلك. فإذا شاهد الرجلُ الحقَّ في المـرأةِ كان شهوداً في مُنفعلٍ، وإذا شاهدَه في نفسِه - من حيثُ ظهورِ المرأةِ عنه- شاهدَه في فاعلٍ، وإذا شاهدَه في نفسهِ - من غيرِ استحضارِ صورةٍ مَا تكوَّن عنه- كان شهودُه في مُنفعلٍ عن الحقِّ بلا واسطة. فشهودُه للحقِّ في المرأة أتمُّ وأكملُ، لأنَّه يشاهدُ الحقَّ من حيثُ هو فاعلٌ منفعلٌ، ومن نفسه من حيث هو مُنفعلٌ خاصةً. فلهذا أحبَّ صلَّى الله عليه وسلَّم النِّساءَ لكمال شهودَ الحقِّ فيهنَّ، إذ لا يشاهدُ الحقَّ مجرداً عن المواد أبداً، فإنَّ الله بالذات غنيٌ عن العالمين، وإذا كان الأمرُ من هذا الوجه ممتنعاً، ولم تكن الشهادةُ إلاَّ في مادةٍ، فشهودُ الحقِّ في النِّساءِ أعظمُ الشُّهودِ وأكملُه".([40])

لا فرقَ بين التَّحريمِ والتَّحليل، فالكل عين واحدة عند ابن عربي:

      قال ابن القيم: "فَهُوَ عِنْدَهُمْ عَيْنُ النَّاكِحِ، وَعَيْنُ الْمَنْكُوحِ وَعَيْنُ الذَّابِحِ، وَعَيْنُ الْمَذْبُوحِ، وَعَيْنُ الْآكِلِ، وَعَيْنُ الْمَأْكُولِ، وَهَذَا عِنْدَهُمْ: هُوَ السِّرُّ الَّذِي رَمَزَتْ إِلَيْهِ هَوَامِسُ الدُّهُورِ الْأَوَّلِيَّةِ، وَرَامَتْ إِفَادَتَهُ الْهِدَايَةُ النَّبَوِيَّةُ، كَمَا قَالَهُ مُحَقِّقُهُمْ وَعَارِفُهُمْ ابْنُ سَبْعِينَ. وَمِنْ فُرُوعِهِ: أَنَّ الْحَقَّ([41]) أَنْ لَا فَرْقَ فِي التَّحْرِيمِ وَالتَّحْلِيلِ بَيْنَ الْأُمِّ وَالْأُخْتِ وَالْأَجْنَبِيَّةِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَاءِ وَالْخَمْرِ، وَالزِّنَا وَالنِّكَاحِ، الْكُلُّ فِي عَيْنٍ وَاحِدَةٍ، بَلْ هُوَ الْعَيْنُ الْوَاحِدَةُ، وَإِنَّمَا الْمَحْجُوبُونَ عَنْ هَذَا السِّرِّ قَالُوا: هَذَا حَرَامٌ وَهَذَا حَلَالٌ، نَعَمْ هُوَ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ؛ لِأَنَّكُمْ فِي حِجَابٍ عَنْ حَقِيقَةِ هَذَا التَّوْحِيدِ، وَمِنْ فُرُوعِهِ: أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ ضَيَّقُوا الطَّرِيقَ عَلَى النَّاسِ، وَبَعَّدُوا عَلَيْهِمُ الْمَقْصُودَ، وَالْأَمْرُ وَرَاءَ مَا جَاءُوا بِهِ، وَدَعَوْا إِلَيْهِ".([42])

7- القول بوحدة الأديان، وتصحيح كل الديانات الباطلة، ونجاة أصحابها:

     لمَّا آمنت الصُّوفِيَّة أنَّ الوجود واحدٌ، وأنَّ الله تعالى هو عينُ خلقه، لزمَ الصُّوفِيَّة أنْ يؤمنوا بأنَّ جميعَ الملل والنحل واحدةٌ لأنَّها صدرت ممَّن له الوجود الواحد، وأنَّ الله تعالى هو عينُ جميع المعبودات، وهي مظاهرُ وتجلیاتٌ له، فلا فرقَ إذاً بين هذا المعبود أو ذاك. فما دامت كلُّها هي الله فقد انتفى التغايرَ والاختلافَ بينها، فالتوحيدُ إذاً هو عينُ الشرك، والإيمان هو عينُ الكفر، فلا فرقَ إذاً بين دينٍ أنزله الله تعالى في كتبه وبعثَ به رسلَه، ودینٍ ابتدعه الإنسانُ من تلقاءِ نفسِه بهواه وحسبِ شهواته، ونسجتُه أوهامُه وشطحاتُه، ما دامَ الله هو الوجودُ المطلقُ.([43])

      قال ابن عربي: "فإياك أن تتقيَّد بعقد مخصوص، وتكفر بما سواه فيفوتك خير كثير فكن في نفسك هيولى لصور المعتقدات كلها".([44]) ويقول التيجانية: "إن الكفار والمجرمين والفجرة والظلمة ممتثلون لأمر الله تعالى ليسوا بخارجين عن أمره".([45])

     يقول ابن تيمية في بيان هذا المعتقد الصوفي: لقد كان ابن عربي وابن سبعين ونحوهم من ملاحدة الصُّوفِيَّة يعكسون دين الإسلام، فيجعلون أفضلَ الخلق من قال بوحدة الوجود، ولا يضرُّه بعد ذلك أنْ يكونَ يهودياً، أو نصرانياً، أو مجوسياً، أو وثنياً. بل كان ابن سبعين وابن هود([46]) والعفيف التلمساني يجوِّزون للرجلِ أنَّ يتمسَّكَ باليهودية والنصرانية كما يتمسَّكُ بالاسلام، فجميع الأديان في نظرهم طرقٌ موصلةٌ إلى الله بمنزلة المذاهب الإسلامية، وكانوا يقولون لِمَنْ يختصُّ بهم من النصارى واليهود: إذا عَرَفْتُم التحقيق (أي وحدة الوجود) لم يضركم بقاؤكُم على ملتكم.([47])

      وقال ابن القيم في بيان وحدة الأديان عند الصُّوفِيَّة: "ومذهبُ القوم أنَّ عُبَّادَ الأوثان، وعُبَّادَ الأصنام، وعُبَّادَ النيران، وعُبَّادَ الكواكب كلُّهم موحدون، فإنَّه ما عبدَ غيرَ الله في كلِّ معبودٍ عندهم، ومن خَرَّ للأحجار في البيد، ومن عبدَ النَّار والصليبَ فهو موحِّدٌ عابدٌ لله، والشركُ عندهم إثباتُ وجودٍ قديمٍ وحادثٍ، وخالقٍ ومخلوقٍ، وربٍ وعبدٍ، ولهذا قال بعض عارفيهم([48]) وقد قيل له: القرآنُ كلُّه يبطلُ قولَكم. فقال: القرآنَ كلُّه شرك، والتوحيدُ هو ما نقوله".([49])

     ويقول الدكتور يوسف القرضاوي: "ومن فروع هذا التوحيد(عند أهل وحدة الوجود) وثماره: أن فرعون ونمرود وأمثالهما مؤمنون كاملو الإيمان، عارفون بالله على الحقيقة. وأن عباد الأصنام إنما عبدوا عين الله لا غيره. فهم على الحق والصواب".([50])

8- كفار قريش مؤمنون كاملو الإيمان عند ابن عربي :

    يبرر ابن عربي معارضة كفار قريش للرسول صلى الله عليه وسلم، وإعراضهم عن دعوته وتمسكهم بآلهتهم الباطلة قائلين: (مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِبُونَا إِلَى اللهِ زُلْفَى) الزمر:3، أنهم لم ينكروا توحيد الله تعالى؛ بل وقفوا مع كثرة الصور ونسبوا الألوهية لها، وفعلهم هذا في الحقيقة صوابٌ بزعمه؛ لأنَّهم إنَّمَا عبدوا الله في تجليَّاتِه في صورِ هذه الأصنام، ويؤكِّدُ زعمَه هذا بأنَّ دعوة الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم لكفار قريش إنَّها كانت إلى إلهٍ يُعرَفُ ولا يُشهدُ؛ لأنَّه في كلِّ شيءٍ.

    يقول ابن عربي وهي على الحقيقة مجلى الحق لبصر هذا العابد المعتكف على هذا المعبود في هذا المجلى المختص، ولهذا قال بعض من عرف مقالة جهالة: (مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى) الزمر:3، مع تسميت إياهم آلهة حتى قالوا (أَجَعَلَ الْأَلهَةَ إِلَهَا وَحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٍ عُجَابٌ) ص:5. فما أنكروه بل تعجبوا من ذلك فإنهم وقفوا مع كثرة الصور ونسبة الألوهية لها. فجاء الرسول ودعاهم إلى إله واحد يعرف ولا يشهد، بشهادتهم أنهم أثبتوه عندهم واعتقدوه في قولهم: (مَا نَعبُدُهُمْ إلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى) الزُّمَر: 3، لعلمهم بأن تلك الصور حجارة. ولذلك قامت الحجة عليهم بقوله: (قُلْ سَمُّوهُمْ) الرعد:33، فما يسمُّونَهم إلاَّ بمَا يعلمون أنَّ تلك الأسماء لهم حقيقة. وأمَّا العارفون بالأمرِ على مَا هُوً عليه، فيظهرون بصورةِ الإنكار لمَا عُبِدَ من الصُّور، لأنَّ مرتبتَهم في العلم تعطيَهم أنْ يكونوا بحكم الوقت لحكمِ الرَّسولِ الذي آمنوا به، عليهم الذي به سُمُّوا مؤمنين، فهم عبَّادُ الوقت مع علمهم بأنَّهم ما عبدوا من تلك الصُّورِ أعيانَها، وإنِّما عبدوا الله فيها لحكم سلطان التَّجلِي الذي عرفوه منهم، وجَهِلَهُ المنكر الذي لا علمَ له بمَا تجلَّى، ويسترُه العارفُ المُكمَّلُ من نِبِيٍ ورسولٍ ووارثٍ عنهم. فأمرَهم بالانتزاحِ عن تلك الصُّورِ لمَّا انتزحَ عنها رسولُ الوقتِ اتباعاً للرَّسولِ طَمعاً في محبَّةِ الله إيَّاهم بقوله: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ) آل عمران:31. فدعا إلى إلهٍ يُصمدُ إليه ويعلمُ من حيثُ الجملة، ولا يُشْهَدُ، (ولا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ) الأنعام:103، بل (هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَار) الأنعام: 103ـ للطفه وسريانه في أعيان الأشياء فلا تدركه الأبصار كما أنها لا تدرك أرواحها المدبرة أشباحها وصورها الظاهرة (وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) الأنعام:103، والخبرة ذوق، والذوق تـجـل، والتجلي في الصور فلابدَّ منها ولابدَّ منه، فلابدَّ أنْ يعبدَهُ من رآهُ بهواه إنْ فَهِمتَ، وعلى الله قصدُ السَّبيل.([51])

      ولو كان الأمر كما يقول ابن عربي ما كانت هناك حاجة من النبي صلى الله عليه وسلم لقتال المشركين؛ وما وصل الأمر بالمسلمين إلى مفارقة ديارهم وأهاليهم وأموالهم؛ وما سالت الدماء بين المسلمين وبين المشركين اختلاف تجليات الله في الصور. ولو كان الأمر كما يقول ابن عربي لكان النبي صلى الله عليه وسلم - حاشاه الله عن ذلك- خان ربه في تبليغه للرسالة؛ إذ أن الله تعالى يقول: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) الأنبياء: 107، بينما الرسول صلى الله عليه وسلم قاتل الناس لأمر تافه؛ حيث إن الله يتجلى في الصور كلها؛ فلكل أحد عبادته كما يشاء، وبالصورة التي يرتضيها هذا العابد لنفسه. وهذا قولٌ فاسدٌ لا يقولُه عاقلٌ.

9- تصويب ابن عربي ما صنعه السامري في جعل العجل معبودًا لبني إسرائيل:

     زعمَ الزِّنديقُ ابن عربي أنَّ عجلَ بني إسرائيل هو بعضُ تعينات الذَّات الإلهيَّة، - تعالى الله عن ذلك- ولهذا صحَّ لموسى أنْ يقولَ للسامري: (وأنظر إلى إِلَهِكَ) هود:97، لمَّا عَلِمَ أنَّه بعضُ المجالي الإلهيَّةِ.([52])

    وَيُخَطِّئُ ابنُ عربي نبيَّ اللهِ هارونَ في إنكاره على السَّامرِي اتخاذه العجل إلهاً من دون الله، ويبين ابن عربي أنَّ السَّامريَّ كان على صوابٍ في صنعِه للعجلِ وفي دعوته بني إسرائيل لعبادة العجلِ من دون الله تعالى، وأنَّه مَا كانَ يَنبغي لهارونَ أنْ يُنكرَ هذا الفعلَ، وأنَّ موسى أقرَّ السَّامريَّ وأنكرَ على أخيه هارون؛ لأنَّ العجلَ في حقيقتِه مَجلَّى من مَجالِي الله في الصُّورِ المُختلفة؛ فمن عبدَ هذا العجلَ فقدْ عبدَ اللهَ بزعمِ ابن عربي، تعالى الله عن افتراء ابن عربي علوا كبيرًا.

    يقول ابن عربي: "ثم قال هارون لموسى: إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل فتجعلني سبباً في تفريقهم، فإن عبادة العجل فرقت بينهم، منهم من عبده اتباعاً للسامري وتقليداً له، ومنهم من توقف عن عبادته حتى يرجع إليهم موسى فيسألونه عن ذلك. فخشي هارون أن ينسب ذلك الفرقان بينهم إليه فكان موسى أعلم بالأمر من هارون لأنه علم ما عبده أصحاب العجل لعلمه أن الله قضى أن لا يعبد إلا إياه، وما حكم الله بشيءٍ إلاَّ وقعَ، فكان عتبُ موسى أخاه هارون لما وقع الأمر في إنكاره وعدم اتساعه فإن العارف من يرى الحق في كل شيء بل يراه عين كل شيء".([53])

    ثم يبين ابن عربي أن موسى رجع بالسؤال إلى السامري معاتباً: (قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ) طه:95 يعني فيما صنعت من عدو لك إلى صورة العجل على الاختصاص".([54]) فعتاب موسى هنا للسامري أنَّ الأخير حصر عبادة الله في العجل فقط مع أن كل شيء هو الله؛ ولذا كانت مبادرة موسى لحرق العجل حتى لا تنحصر عبادة الله في صورة واحدة دون سائر الصور كما يرى ابن عربي. ويستمر ابن عربي مغالطاته قائلاً: "وقال له: (وَأَنظُرْ إِلَى إِلَهِكَ) طه:97، فسماه إلها بطريق التنبيه للتعليم أنه بعض المجالي الإلهية"([55])  كما أن السامري عند ابن عربي صادق في قوله: (هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى) طه:88، وذلك لأنه تعالى في تجليه للأنبياء مختلف الصور إحدى الحكم بأنه الإله في أي صورة تجلى".([56])

    ويبين ابن عربي أن الحكمة في عدم اتباع بني إسرائيل لهارون هي لترسيخ عقيدة وحدة الوجود لدى بني إسرائيل؛ فلما آمن بنو إسرائيل بتجلي الله تعالى في الصور كلها مهما اختلفت وتنوعت؛ سلط الله حينئذ موسى على العجل فأتلفه وحرقه.

   يقول ابن عربي: "فكان عدم قوة إرداع هارون بالفعل أن ينفذ في أصحاب العجل بالتسليط على العجل كما سُلط موسی عليه. حكمة من الله تعالى ظاهرة في الوجود ليعبد في كل صورة، وإن ذهبت تلك الصورة بعد ذلك فمَا ذهبت إلاَّ بعدَ مَا تَلبَّسَت عندَ عابدِها بالألوهية".([57])

    وتتمة الآية تكذب ابن عربي فيما يقول، حيث قال الله تعالى على لسان موسى عليه السلام: (وَأَنظُرْ إِلَى إِلَيْهِكَ الَّذِى ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسَفًا) طه:97، ممَّا يدلُّ على ما في كلام موسى عليه السلام من غضبٍ ومقتٍ لمَا فعلَه السَّامريُّ، ثمَّ بيَّن سبحانُه وتعالى أنَّه إلهٌ واحدٌ لا شريكَ لهُ في ملكِه وعبادتِه، فقال جلَّ وعلا: (إِنَّمَا إلَهُكُمُ اللهُ الَّذِى لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا) طه: 98.

10- عبادة الهوى عند ابن عربي:

     من المجالي التي يعبد فيها الله تعالى عند ابن عربي: الهوى. بل هو أعظم مجلى عبد الله فيه وأعلاه ؛ فكل من اتبع هواه في عبادته أين كان معبوده فهو على صواب تام فيما عبد ما دام دليله هواه، بزعم ابن عربي. يقول ابن عربي: "ما عبد شيء من العالم إلا بعد التلبس بالرفعة عند العابد والظهور بالدرجة في قلبه وكذلك تسمى الحق لنا برفيع الدرجات، ولم يقل رفيع الدرجة فكثر الدرجات في عين واحدة فإنه قضى أن لا يعبد إلا إياه في درجات مختلفة أعطت كل درجة مجلى إلهياً عبد فيها، وأعظم مجلى عبد فيه وأعلاه الهوى كما قال: (أَفَرَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ) الجاثية:23، وهو أعظم معبود فإنه لا يعبد شيء إلا به ولا يعبد هو إلا بذاته.

وفيه أقول: وحق الهوى إن الهوى سبب الهوى ولولا الهوى في القلب ما عبد الهوى.([58]) وفي قول الله تعالى: (أَفَرَأيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَنُهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ) الجاثية:23، يقرِّرُ ابن عربي أن عبادة البشر للهوى هو في حقيقته امتثال لطاعة الله؛ لأنهم في الحقيقة تحت سلطان الهوى الذي هو الحق تعالى عن ذلك، وهذه الأصنام والأوثان هي مجال للهوى، والمشركون ما عبدوا على الحقيقة إلا الله. أما أن الله أضله على علم فمعناه عند ابن عربي: أنَّه حيَّرَ العابدَ لهواه؛ لظهورِه وتجلِيَه في صورِ الهوَى ومراتبه، فـالحقُّ يتنوَّعُ تجليَهُ في الصَّورِ،([59]) وذلك الإضلالُ مبنيٌ على علمٍ من الله بأسرارٍ تجليَّاتِه في تلك الصور.

      يقول ابن عربي: "ألا ترى علم الله بالأشياء ما أكمله، كيف تمَّ في حقِّ من عبدَ هواه واتَّخذَه إلهاً، فقال: (وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ) والضلالة: الحيرة؛ وذلك أنَّه (الحقُّ) لما رأى هذا العابد ما عبد إلا هواه بانقياده لطاعته فيما يأمره به في عبادة من عبده من الأشخاص، حتى أن عبادته كانت عن هوى أيضاً؛ لأنه لو لم يقع له في ذلك الجناب المقدس هوى - وهو الإرادة بمحبة ما عبد الله ولا آثره على غيره. وكذلك كل من عبد صورة ما من صور العالم واتخذها إلهاً ما اتخذها إلا بالهوى. فالعابد لا يزال تحت سلطان هواه. ثم رأى المعبودات تتنوع في العابدين فكل عابد أمر ما يكفر من يعبد سواه، والذي عنده أدنى تنبه يحار لاتحاد الهوى فإنه عين واحدة في كل عابد. (وَأَضَلَّهُ اللهُ عَلَى عِلْمِ) الجَاثِيَة:23، أي حيَّره (عَلَى عِلْمٍ) الأعراف :52. بأنَّ كلَّ عابدٍ من عبدَ إلاَّ هواه ولا استعبده إلا هواه، سواء صادف الأمر المشروع أو لم يصادف، والعارف المكمل من رأى كلَّ معبودٍ مجلَّى للحقِّ يُعبَدُ فيه،؛ ولذا سَمَّوهُ كلُّهم إلهاً مع اسمِه الخاصِ بحجرٍ أو شجرٍ أو حيوانٍ أو إنسانٍ أو كوكبٍ أو مَلَكٍ".([60])

     ولو اتبع العبدُ الهوَى كما يقولُ ابنُ عربي لأوردَه هواهُ المهالكَ في الدنيا قبل الآخرة، يقولُ جلَّ وعزَّ: (وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ ومن فيهن بل أتيناهم بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَن ذِكْرِهِم معْرِضُونَ) المؤمنون:71.

11- تأويل أسماء الله وفق قولهم بوحدة الوجود:

       قال ابن عربي: "ومن أسمائه العلي: عليُّ من، وما ثمَّ إلا هو، فهو العليُّ لذاته أو عن ماذا؟ ومَا هوَ إلاَّ هوَ، فعلوُّه لنفسِه، ومنْ حيثُ الوجودِ فَهُوَ عينُ الموجودات، فالمُسمَّى محدثاتٌ هي العليَّةُ لذاتِها وليسَ إلاَّ هُوَ".([61])

    وقال أيضاً: "فالعليُّ لنفسِه هو الذي يكونُ لَهُ الكمَالُ الذي يَستغرقُ بهِ جميعَ الأمورِ الوجودِيَّةِ والنِّسبِ العَدَميَّةِ، بحيثُ لا يمكنُ أنْ يفوتَه نعتٌ منها، وسواءٌ كانت محمودةً عُرفَاً وعقلاً وشرعاً أو مذمومةً عُرْفاً وعقلاً وشرعاً. وليس ذلك إلاَّ لمسمَّى الله تعالى خاصةً".([62])

12- لا فرقَ بين التَّحريمِ والتَّحليل، فالكل عين واحدة:

    قال ابن القيم: "ومن فروعه- أي توحيد وحدة الوجود- أنَّ الحقَّ([63]) لا فرقَ في التَّحريمِ والتَّحليل، بين الأمِّ والأخت والأجنبية، ولا فَرْقَ بين الماءِ والخمرِ، والزِّنَا والنِّکاحِ، الكلُّ من عين واحدة، بل هو العين الواحدة، وإنَّما المحجوبون عن هذا السِّرِّ: قالوا: حرامٌ وهذا حلالٌ، نعم هو حرامٌ عليكم لأنَّكم في حجابٍ عن حقيقةِ هذا التوحيد.([64]) ومن فروعه: أنَّ الأنبياءَ ضَيَّقوا الطريقَ على الناس، وبَعَّدوا عليهم المقصودَ. والأمرُ وراءُ ماجاواء به، ودعَوا إليه".([65])

 



[1]- هو: الحسن بن علي بن عضد الدولة أبي الحسن - أخ المتوكل على الله ملك الأندلس- بن يوسف بن هود، ولد في مرسية سنة 633ه، وتوفي في دمشق سنة 699ه، فیلسوف من الغلاة، انظر فوات الوفيات 1/249-250، القلائد الجوهرية في تاريخ الصالحية 2/480- 482، الأعلام 3/221.

[2]- الصفدية  بتصرف– 2/269.

[3]-  الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان: ابن تيمية ص 103.

[4]- مدارج السالكين لابن القيم 3/416.

[5]- هو عفيف التلمساني.

[6]- مدارج السالكين 3/479.

[7]- انظر ابن الفارض والحب الإلهي: محمد مصطفى حلمي ص 293، وهذه هي الصوفية للوكيل ص 93، وشطحات الصوفية لعبد الرحمن بدوي ص 16.

[8]- فصوص الحكم – السفر السابع-  ص113.

[9]- فصوص الحكم ص 192.

[10]- انظر رسائل ابن عربي - رسالة الألف- ص 3.

[11]-  انظر المصدر السابق ص 4.

[12]- فصوص الحكم  ص 210، 211.

[13]-  شرح عبد الرحمن الجامي لفصوص الحکم ص 87، وهو بهامش شرح جواهر النصوص في حلِّ كلمات الفصوص لعبد الغني النابلسي.

[14]-  دیوان ترجمان الأشواق ومحاضرة الأبرار ص 43-44.

[15]- فصوص الحکم ص 745.

[16]- من ديوان ابن عربي -الحكمُ حكمُ الجبرِ والاضطرارِ-: شرح أحمد حسن بسج، بيروت، طبعة دار الكتب العلمية
سنة 1416 هـ 1996 م.

 

 

[17]- فصوص الحکم - الفص الإدريسي- ص 26.

[18]- المصدر السابق 128، وفي هذا المقام لا بد من القول بأن اعتذار البعض عن ابن عربي بأنه يقصد كذا أو كذا ويؤولون كلامه, هذا غير مقبول. قال العراقي: "لا يقبل ممن اجترأ على مثل هذه المقالات القبيحة أن يقول أردت بكلامي هذا خلاف ظاهره ولا يؤول كلامه ولا كرامة".

[19]- فصوص الحكم ص 201.

[20]- انظر الفتوحات المكية 2/273.

[21]- الفصوص ص 212.

[22]- الفتوحات المكية 3/313.

[23]- الفتوحات المكية 3/515-516.

[24]- الفتوحات المكية 3/161. وانظر الفتوحات المكية 2/404-405.

[25]- انظر تفسير الطبري 15/194-198.

[26]- فصوص الحكم ص 210-211.

[27]- الفتوحات المكية 3/175. وانظر 3/37-38.

[28]- الفتوحات المكية 3/515.

[29]- مجموع الفتاوى 2/246، مجموع الرسائل 4/85.

[30]- فصوص الحكم ص73.

[31]- فصوص الحكم ص70.

[32]- فصوص الحكم ص71.

[33]- فصوص الحكم ص71-72.

[34]- التعرف لمذهب أهل التصوف: الكلاباذي ص155.

[35]- الرسالة القشيرية 2/583.

[36]- الرسالة القشيرية 2/587.

[37]- فصوص الحكم ص 73.

[38]- فصوص الحكم ص 94.

[39]- المصدر السابق ص222.

[40] - فصوص الحكم ص217.

[41]- يظهر أنَّ لفظ "الحق" زائد، جاء في شرح العقيدة الطحاوية 1/25: "ومن فروعه أنَّه لا فرق"، باسقاط لفظ "الحق" وإضافة ضمير الغائب.

[42]- مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين: ابن القيم 3/416.

[43]- انظر ابن الفارض والحب الإلهي: محمد مصطفى حلمي ص 293، هذه هي الصوفية للوكيل ص 93، شطحات الصوفية لعبد الرحمن بدوي ص 16.

[44]- فصوص الحكم –السفر السابع- ص113.

[45]- جواهر المعاني وبلوغ الأماني في فيض سيدي أبي العباس التجاني: علي حرازم برادة ص221.

[46]- هو: الحسن بن علي بن عضد الدولة أبي الحسن - أخ المتوكل على الله ملك الأندلس- بن يوسف بن هود، ولد في مرسية سنة 633ه، وتوفي في دمشق سنة 699ه، فیلسوف من الغلاة، انظر فوات الوفيات 1/249-250، القلائد الجوهرية في تاريخ الصالحية 2/480- 482، الأعلام 3/221.

[47]- الصفدية  بتصرف– 2/269.

[48]- هو عفيف التلمساني.

[49]- مدارج السالكين - بتصرف- 3/519.

[50]- حقيقة التوحيد: الدكتور يوسف القرضاوي ص 16.

[51]- فصوص الحكم ص 195-196، وانظر الفتوحات المكية 2/411، 3/175.

[52]- الفتوحات المكية 3/175.

[53]- فصوص الحكم ص 195-196، وانظر الفتوحات المكية 2/411، 3/175.

[54]- فصوص الحكم ص192.

[55]- فصوص الحكم ص192.

[56]- الفتوحات المكية 3/175.

[57]- فصوص الحكم ص 197.

[58]- فصوص الحكم لابن عربي ص 194.

[59]- فصوص الحكم ص 120.

[60]- فصوص الحكم ص 195.

[61]- المصدر السابق ص 76.

[62]- المصدر السابق 79.

[63]- يظهر أن لفظ "الحق" زائد، جاء في شرح العقيدة الطحاوية 1/25: "ومن فروعه أنَّه لا فرق"، باسقاط لفظ "الحق" وإضافة ضمير الغائب.

[64]- سبق أن ذكرنا أن التلمساني هو الذي لم يفرق بين ماهو حلال وماهو حرام، فأحلَّ الخمر والزنا، ونكاح الأم والأخت.

[65]- مدارج السالكين 3/448، وانظر شرح العقيدة الطحاوية 1/25.