البريد الإلكتروني: drsregeb11@gmail.com

مقالاتي

من هو أبو بكر البغدادي خليفة تنظيم الدولة (داعش)



من هو أبو بكر البغدادي خليفة تنظيم الدولة (داعش)

بقلم أ.د صالح الرقب

 أبو بكر البغدادي اسمه الحقيقي (إبراهيم عواد إبراهيم عبد المؤمن علي البدري) "أبو دعاء"، خليفة ما يسمى "دولة العراق والشام الإسلامية"، وقد قيل إنَّه كان في زمن النظام العراقي إماماً لجامع أحمد بن حنبل في سامراء، وأيضاً إماماً وخطيبا لجامع الكبيسي في منطقة الطوبجي في بغداد، وأيضاً إماماً وخطيباً لأحد المساجد في الفلوجة عام 2003م، وقد اعتقلته قوات التحالف بتاريخ 04/01/2004م، وأطلق سراحه في شهر كانون الأول عام 2006م.

      زعم أتباعه أنَّه حاصل على شهادة الدكتوراه في العلوم الإسلامية، كما زعموا بأنَّه كان أستاذاً جامعياً في جامعة تكريت، لَكنْ قد ثبت بالدليل أنَّه لم يحصل على درجة الدكتوراه، بل قدّم رسالة دكتوراه في علم التجويد، ولَمْ يَنَلْها أصلاً، لظروف الغزو الأمريكي على العراق. فَهُو إذن ليس دكتوراً متخصصاً في الشريعة الإسلامية كما زعم مروجو داعش الشرعيون. وممَّا يدلًّ على عدم حصوله على درجة الدكتوراه في الفقه أنَّ من كتب عنه من شرعيي داعش لم يذكر عنواناً لرسالته، ولا موضوعها الرئيس، ولا اسم الأستاذ المشرف عليها، ولا اسم الجامعة أو الكلية التي قدَّم رسالته فيها لمناقشتها، ولذا وجدنا صاحب كتاب:(مد الأيادي لبيعة البغدادي) أبو همام بكر بن عبد العزيز الأثري يبالغ في تفقه البغدادي وعلمه، دون أن يذكر ما يدلُّ على قوله سوى أنَّ للبغدادي اطلاعاً واسعاً في علوم التاريخ والأنساب الشريفة، وأنَّه أتقن القراءات العشر للقرآن الكريم، وأنَّ له من الكتب المطبوعة :رسالة الماجستير في الدراسات القرآنية، ورسالة الدكتوراه في الفقه، وكتاب في أحكام التجويد. دون أن يحدِّد عناوينها، إذ لو كان قوله صحيحا لذكره، ولو كانت مطبوعة كما زعم، لأظهرها هو وغيره ممَّن سوَّد الصفحات في مدح البغدادي، والثناء على علمه، مع ملاحظة وجود تباين في التخصص بين مرحلتي الماجستير" دراسات قرآنية"، والدكتوراه "الفقه".

عدم صحة نسب البغدادي للنبي عليه السلام.

      قد أصدر مفتي داعش الشرعي تركي البنغلي والمشهور بأبي همام بكر بن عبد العزيز الأثري كتيباً أسماه: (مد الأيادي لمبايعة البغدادي)، اخترع فيه نسباً شريفاَّ للخليفة البغدادي جعله يمتد إلى النبي صلى الله عليه وسلم، دون أن يذكر مصدراً واحداً من كتب التاريخ أو الأنساب يؤكَّد هذا النسب الشريف، فزعم أنَّه من أحفاد عرموش بن علي بن عيد بن بدري بن بدر الدين بن خليل بن حسين بن عبد الله بن إبراهيم الأواه بن الشريف يحيى عز الدين بن الشريف بشير بن ماجد بن عطية بن يعلى بن دويد بن ماجد بن عبد الرحمن بن قاسم بن الشريف إدريس بن جعفر الزكي بن علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب وفاطمة بنت محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

     لذا وجدنا من أثبت بالدليل أنَّ تركي البنغلي سرق نسب الشيخ صبحي السامرائي - شيخ السنة في العراق صبحي بن جاسم البدري السامرائي الحسيني- وادعى أنَّه للبغدادي، فالخليفة أبو بكر ليس من نسب الحسن ولا الحسين بن علي رضي الله عنهما،!. وبهذا يظهر كذب شرعيي ومفتيي داعش فيما ادعوه، وهذا ممَّا يخدعون ويغررون به الشباب المسلم، الذي يكنَّ بالاحترام والتقدير للنَّبي صلى الله عليه وسلم وآل بيته رضي الله عنهم، ولأنً الشباب المسلم يحفظ حديث النبي صلى الله عليه وسلم "الأمراء من قريش".

      ولقد بحثت عن ترجمة لحياة شيخ السنّة في العراق صبحي بن جاسم البَدْري السامَرّائي الحُسيني رحمه الله تعالى الذي عاش ما بين 1355ه-1434ه، فوجدت التالي: "هو المحدّث المحقق المسند النسابة، بقية أهل الحديث في العراق، السيّد الشريف: أبو عبد الرحمن، صبحي بن السيد جاسم بن حُمّيِّد بن حمد بن صالح بن مصطفى بن حسن بن عثمان بن دَوْلَة بن محمد بن بَدْري بن عَرْموش بن علي بن عيد بن بدري بن بدر الدين بن خليل بن حسين بن عبد الله بن إبراهيم الأواه بن الشريف يحيى عز الدين بن شريف بن بشير ابن ماجد بن عطية بن يعلى بن دُوَيد بن ماجد بن عبد الرحمن ابن قاسم بن الشريف إدريس بن جعفر الزكي بن علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب". فهذا دليل آخر على سرقة شرعيي داعش نسب الشيخ صبحي السامرائي وإلصاقه بخليفتهم الموهوم علماً ونسباً.

البغدادي شخصية ضعيفة:

     ذهب الشيخ عمر محمود أبو عمر الشهير بأبي قتادة الفلسطيني إلى أنَّ البغدادي شخصية ضعيفة يقاد من غيره من قيادات داعش فقال: "إنَّ الكثيرَ من الإشارات تدلُّ أنَّ الرجلَ حالُه مع غيره كحال محمد بن عبد الله القحطاني (المهدي المزعوم) مع جهيمان، حيث الضعفُ النفسيُّ الذي يحققُ سلاسةَ القيادة لمثل العدنانيِّ وغيره، ممن وصلني عنهم هذه الأخبارُ ومعانيها...، ويضيف أبو قتادة: "والبغداديُّ في حالة سباتٍ شتويٍّ لا يقدرُ على الإجابة والرد، إذ يقومُ بدلاً عنه من يتقنُ الشتمَ والرجمَ".

     وممَّا يبيَّن صدق ذلك ما سبق بيانه من قوة حجي بكر في التأثير على الخليفة البغدادي في اتخاذ مواقف سلبية من جبهة النصرة،

      قال صاحب كتاب "الدَّولة الإسلامية بين الحقيقة والوهم": أبو عبد الله محمد المنصور- وكان صديقاً للزرقاوي، وهو يعرف أبا بكر البغدادي عن قرب- : "أقول ذلك وأنا خبير بقياداتهم، فالزرقاوي رحمه الله بقي في بيتي مدة ليست بالقصيرة، وما يسمى الآن زوراً بأمير المؤمنين كان فرداً في جماعتنا ودرس عندي شيئاً قليلاً من "زاد المستقنع"، ثمَّ قُدِّر لي الاعتقال، وترك جماعتنا بعد اعتقالي لأسباب ظاهرها إداري، وباطنها كما أظن – والعلم عند الله- الهوى وحب الظهور. ومن خلال معرفتي الدقيقة بالشخصين، أقول: ليس بينهما أفعل تفضيل أبداً. فما يسمى زوراً بأمير المؤمنين سيء الخلق، جاهل ومن أهل الأهواء، أساء كثيراً إلى الجهاد في العراق، واليوم ينقل أهواءه وجهله إلى الشام. أمَّا الزرقاوي رحمه الله فنختلف معه في بعض مسائل التكفير وفي كثير من مسائل السياسة الشرعية، لكنَّه رحمه الله كان أفضل ممن سمى نفسه بالبغدادي، وليس عندي من شك أنَّ هذه الدَّولة الموهومة لا تدار من قبل أبي بكر البغدادي؛ لأنَّه – ومن خلال معرفتي الدقيقة به وبغض النظر عن الانحراف الفكري والعقدي لديه- محدود الذكاء، لا يصلح للقيادة أبداً، وللفائدة أقول إنَّ عمره في نهاية الثلاثينيات".

أبو بكر البغدادي لم يبايعه إلاَّ أفراد تنظيمه:

        من المعلوم أنَّ من شْروط إقامة الخلافة وتعيين الخليفة المسلم المشورة والتمكين. والمقصود بالمشورة: مشورةُ أهل الحَلِّ والعَقْد والشوكة من العلماء والوجهاء، والقادة وأهل الرأي والمشورة، القادِرين على عَقْد الأمور وحَلِّها، الذين يكون الناس من أهل الدِّين والدنيا تبعًا لهم، وليس أهلُ الحَل والعَقد مجموعةً من الناس تختارهم جماعةٌ من جماعات المسلمين، جهاديَّة كانت أو غير جهاديَّة، ثم يُطلقون عليهم مسمَّى أهل الحَل والعَقد، ثم يُقال لهم: هل تُبايعون فلانًا خليفةً على المسلمين؟ فيقولون: نعم! وهذا لم يتحقق في دولة البغدادي، فليس كلُّ من أُطلق عليهم مسمَّى أهل الحَلِّ والعَقد يكونون فِعلًا أهلَ حَلٍّ وعَقد؛ فالأسماء لا تُغيِّر من حقيقة المسمَّيات شيئًا. وبهذا يتبيَّن أنَّ أهل الحل والعقد الذين بايعوا خليفتهم هم من تنظيمهم العسكري الذي حوَّلوه إلى دولة، أي هم فقط من بايعوا من اختاروه خليفة للمسلمين، فلم يبايعه أحد من خارج التنظيم، وهذا ما اعترف به شرعيو داعش حيث قال أبو همام الأثري: "وظلّ مجلس الشّورى في حال انعقادٍ مستمرّ طيلة الفترة الماضية للقاء وزراء الدَّولة وولاتها وأهل الحلّ والعقد وأصحاب الرأي فيها، ونبشّر أمّة الإسلام ونخصّ منهم طليعتها المجاهدة، وفي مقدّمتهم شيوخ الأمّة وقادة الجهاد في كلّ مكان، بأنّ الكلمة قد اجتمعت على بيعةِ الشّيخ المجاهد أبي بكر البغداديّ".

     ونشرت مجلة دير شبيغل الألمانية تقريراً بعنوان "ملفات سرية تكشف هيكل تنظيم الدَّولة" استند إلى وثائق كشفت عنها- في عام 2010م- "إنَّ العقيد العراقي البعثي السابق حجي بكر ومعه مجموعة صغيرة من ضباط المخابرات العراقية هم الذين نصبوا أبا بكر البغدادي الزعيم الرسمي لتنظيم الدَّولة، بهدف منح التنظيم وجهاً دينياً".

      وقد اعترف المتحدث الرسمي باسم تنظيم الدولة أن قرار إعلان الدولة والخلافة ينحصر في تنظيمه فحسب، دون بقية المسلمين، بسبب تخوينهم، ورميهم بالرِّدة والعمالة، فقال أبو محمد العدناني في كلمته )لن يضروكم إلا أذي  "ما كان لنا أنْ نشاور مِن الفصائل مَن يخالفنا المنهج والمشروع، ويعمل ضدنا في الخفاء والعلن، أو مَن يجتمع متآمراً مع المخابرات علينا، بل ويوقّع على قتالنا". فتنظيم الدولة قد اختزل الأمة بالفصائل المقاتلة دون بقية الأمة وعلمائها، ووجهائها، ثمَّ خوَّنوا الفصائل ورفضوها، فلم يبقَ إلا هم أهل للعلم والمشورة والديـن الصحيح، وقد جـاء في الحديث" إِذَا قَالَ الرَّجُلُ: هَلَكَ النَّاسُ فَهُوَ أهَلكَهُمْ".

      وأيضاً إنَّ أساس تنظيم الدولة وهو دولة العراق الاسلامية التي لم تكن عن مشورٍة من المسلمين في العراق، ولا الفصائل العسكرية فيه، فلمْ يوافقْ على قيام دولة التنظيم في العراق إلا عددٌ يسيرٌ من أتباع التنظيم، دون استشارة لأهل الحل والعقد فيه، وقد بيَّن أبو سليمان العتيبي قاضي دولة العراق الإسلامية في رسالته للقيادة في خراسان هذه الأمر، فقال: "في حقيقة الأمر يظنًّ الناس أنَّ قيام الدولة كان بعد مبايعة جماعات مجلس شورى المجاهدين لتنظيم القاعدة، ثمَّ مبايعة شيوخ العشائر بحلف المُطيبين، وليس الأمر كذلك ألبتة، وإنما بايع رؤوس هذه الجماعات، كسرايا الجهاد، وسرايا الغرباء، وجيش أهل السنة، وكتائب الأهوال، وجيش الطائفة المنصورة ...  وهم أناس لا علاقة لهم بالجهاد الحقيقي في الساحة، بل منهم منْ لم يحمل السلاح في حياته كلِّها، ومنهم من ليس له أتباع أصلاً، وإنَّما هي أسماء مجردة، فبايعوا واشترطوا، إمَّا بلسان الحال، أو المقال، أن يتولوا مناصب في هذه الدولة التي ستعلن، ووقع الأمر كما أرادوا، وأنا أشهد بالله العظيم على ذلك، بحكم قربي من أبي حمزة المهاجر، ولم يتدخل شيوخ العشائر المعروفون، كما يصرَّح كثيراً أبو حمزة".

      وممَّا يبيِّن أنَّ إعلان الخلافة كان بموافقة بضعة نفر من أعضاء التنظيم! ما قاله العدناني المتحدث الرسمي باسم تنظيم الدولة في كلمته )هذا وعد الله(: "اجتمع مجلس شورى الدولة الإسلامية، وتباحث هذا الأمر، بعد أن باتت الدولة الإسلامية بفضل الله تمتلك كل مقوّمات الخلافة، والتي يأثم المسلمون بعدم قيامهم بها، وأنَّه لا يوجد مانع أو عذر شرعي لدى الدولة الإسلامية؛ يرفع عنها الإثم في حال تأخرها، أو عدم قيامها بالخلافة؛ فقرَّرت الدولة الإسلامية، ممثَّلةً بأهل الحل والعقد فيها؛ مِن الأعيان والقادة والأمراء ومجلس الشورى إعلان قيام الخلافة الإسلامية، وتنصيب خليفة للمسلمين".  

      ومعلومٌ أنَّ مجلس الشورى هذا لا يتجاوز عدده الاثني عشر فردًا.. فالبيعة دون مشورة من المسلمين، وأهل الحل والعقد فيهم، بيعة باطلة بدعية.

    وممَّا يدلَّ على ذلك ما ذكره أبو عبد الله محمد المنصور: "أروي للقارئ الكريم ما حدثني به نائب مسؤول جيش  المجاهدين، وهو من خيار الناس صدقاً وأمانة – في ما أحسب–، فقد التقى هو وأخ آخر بأبي حمزة المصري بعد إعلان دولتهم الموهومة بأيام قليلة، وقد قال أبو حمزة في هذا اللقاء: لقد صنعنا للمهدي منبرًا؛ لأنَّه سيظهر بعد مدة وجيزة، وأقسَمَ أنَّه إنْ لم يكن جنود الدولة الإسلامية هم جيش المهدي فلا جيش للمهدي! والغريب أنَّه أراهم صورة المنبر.